يلتهمنا نوع جديد من الوحدة ، إنها وحدة أن تكون محاطا بكم لا متناهي من الأصدقاء الافتراضيين .. أصدقاء لا تراهم ولا تشعر بهم ، أنت فقط تتواصل معهم في علاقة ذات بعد واحد .. شاشة وأزرار.
مافائدة الصديق حين لا يكون يدا ؟ حضنا كبيرا .. شفتين وابتسامة ؟ فنجان قهوة متسخ عند الأطراف ؟ كيف يمكن أن تكون مع اصدقاء تمضي معهم ثلاث أرباع وقتك ولا يستطيع أحدهم أن يشير إلى ثقب في جوربك ؟ أو إلى أنه حان الوقت لتأخذ دوشا واضعا أصبعي السبابة والإبهام على طرف أنفه في إشارة إلى أن الأمر لا يحتمل التأجيل ؟ تلاشي العمق بسبب ثقافة الإلتهاء والإنغماس حتى أخر نقطة في عالم صنعته ولكنه ليس بالضرورة أنت أو ربما جزء يسير جدا منك ، ولكنه حتما ليس أن كإنسان. . حتى وإن تواجدت مع أصدقاءك بجسدك ولكنك لا تحضر بوعيك ..وعيك الذي يلتقط الزفرة الحارة ونظرة العين القلقة ويتفاعل كما يبنغي أو كما تحتم عليه قوانين العلاقات الإنسانية قبل أن نصبح أشباحا رقمية بإسم مستخدم وكلمة مرور ، الإلتهاء عن كل ما يدور حولك رغم وجودك المتوتر والمتملل غالبا .. حتى تصبح جلسة أصدقاء فعلية في مقهى ما هي مجرد لقاء ليتحلق جميعهم حول شاشاتهم الصغيرة ، ليقوم كل منهم بتحديث صفحته على الفيسبوك حول ماذا يفعل ومع من وماذا طلبوا مع القهوة ، وأن التشيك كيك كان لذيذا ثم ينهي تحديثه بأن اللقاء كان ممتعا وأنهم قضوا جميعا أوقاتا سعيدة في حين تعلن موبايلاتهم أن الشحن قد قارب على الإنتهاء.!