كان الوقت عصرا ودرجة الحرارة مرتفعة بالنسبة لشهر إبريل ، ولكنها بغداد .. دائما وكأنها مدينة تغلى على فحم أرجيلة لباشا عثماني..كان حسين كاظم يتابع مشهد اسقاط تمثال صدام وقد خرج من بيته في شارع مقابل لساحة الفردوس حيث يقع التمثال .. كان يتابع بشئ من الذهول والصدمة وهو ينفث سيجارته ويشاهد التمثال يتهاوى وعشرات العراقيين يرقصون حوله بشكل هستيري ..أحدهم يضربه بحذاءه والآخر يبصق دون هوادة حتى خرجت احشاءه .. ولكن قبل أن يسقط كان أحد الجنود الأمريكان قد رفع العلم الأمريكي وغطى به وجه صدام حسين وكأنه يقول ، خذ في مؤخرتك * البرونزية .. لقد انتصرنا.
كان حسين يريد أن يفرح وهو يتذكر ابن عمه الذي أعدمه صدام ف صيف ال 82 بتهمة التآمر والتخابر مع جهات أجنبية ، وجاره الذي شنق في أحد ثورات الطلبة بتهمة توزيع مناشير معادية للبعث ، وشقيق زوجته الذي قتل رميا بالرصاص لأنه رفض تنفيذ أوامر عسكرية بإعدام مجموعة من الجنود اتهموا بإطلاق نكات بذئية حول قضيب صدام .. كان يريد أن يفرح ولكن شيئا ما كان يمنعه من ذلك .. شئ لم تلتقطه الكاميرات ولا وكالات الأنباء العالمية ولا السي ان ان ومحلليلها حين صرخ أحدهم قائلا we've got him بنشوة مراهق يستمنى للمرة الأولى .
حسين كان رجلا بسيطا ، لم يكن يريد الديمقراطية التي وعد بها جورج بوش العراقيين حين فشل في اثبات أن صدام يمتلك سلاحا نوويا قادر على اختراق حمام البيت الأبيض بينما السيدة الأولى تقضي حاجتها، لقد أراد فقط أن لا تباع مؤخرة بلده في يوم ما .. في مزاد علني!
***
* قبل عدة أعوام قامت السفارة العراقية في لندن برفع قضية على الجندي البريطاني Nigel Ely الذي احتفظ بقطعة من مؤخرة التمثال البرونزي لصدام وقرر بيعها في مزاد علني بربع مليون جنيه استرليني ولكنه أوقف بتهمة المتاجرة بإرث ثقافي .